الخديعة الكبرى -الجزء العاشر-

المؤرخين اليهود الجدد -ايلان بابيه نموذجا-

  • المؤرخين اليهود الجدد -ايلان بابيه نموذجا-

اخرى قبل 4 سنة

الخديعة الكبرى -الجزء العاشر-

المؤرخين اليهود الجدد -ايلان بابيه نموذجا-

د.سالم سرية

ان ظاهرة المؤرخين الجدد في اسرائيل قد برزت في نهاية ثمانينات القرن العشرين ويعود ظهورهم إلى إطلاعهم على الوثائق الموجودة في الأرشيف الوطني الإسرائيلي. ويقول جواد الجعبري ، «في عام 1988، وبعد أربعين عاما من إنشائها، كشفت إسرائيل عن أرشيفها الوطني بموجب القوانين، وهكذا أصبح أمام جيل جديد من الباحثين الإسرائيليين إمكانية الإطلاع على وثائق رسمية، عما جرى سابقا، وأدى ذلك إلى أن يراجع بعض المؤرخين هذه الوثائق لإعادة كتابة تاريخ اسرائيل[1]. ويعتبر الباحث الفلسطيني د.مهند مصطفى انه يمكن تقسيم هؤلاء المؤرخين الى مجموعتين .الاولى مجموعه نقدية تهدف الى اعادة تركيب التاريخ الاسرائيلي وتخليصه من الاساطير(طبعا برعاية قادة حزب العمل ) ومجموعة اخرى تهدف الى تفكيكه .ومن هذه المجموعة الاخيرة آفي اشلايم وايلان بابيه وشلومو ساند[2] .لقد كان إيلان بابيه محاضرًا بارزًا في العلوم السياسية بجامعة حيفا (1984-2007) وكان رئيسًا لمعهد إميل توما للدراسات الفلسطينية والإسرائيلية في حيفا (2000-2008) .ثم غادر بابي إسرائيل في عام 2007 واستقر في بريطانية وحصل على الجنسية البريطانية (وآفي شلايم كذلك) ويدرس الان في جامعة إكستر، وفي مقابلة مع صحيفة قطرية شرح بابي قراره، قائلا: " لقد تم مقاطعتي في جامعتي وكانت هناك محاولات لطردي من وظيفتي. وكنت أتلقى مكالمات تهديد من أشخاص كل يوم. . ويعتقد الكثير من الإسرائيليين أيضًا أنني أعمل مرتزقًا للعرب.ومن مؤلفاته كتاب التطهير العرقي لفلسطين (2006) وعشر خرافات عن إسرائيل. (2017) [3]. وندرج ادناه ابرز ما جاء في كتابه الاخير هذا لغرض الاطلاع :صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر ـ بيروت، ومكتبة كل شيء ـ حيفا، النسخة العربية من كتاب، “عشر خرافات عن إسرائيل” (ط1، 2017 )وهذه الخرافات وتفنيدها كالتالي [4]:

1 ـ فلسطين كانت أرضا بلا شعب:

في الرواية الصهيونية التي يتم الترويج لها في مناهج التعليم “الإسرائيلية”، أن فلسطين “كانت خالية، ومقفرة، وجرداء قبل وصول الصهيونية” (ص 18). يفند بابيه، هذه الخرافة بالقول: “كانت فلسطين، إبان فترة الحكم العثماني، مجتمعا يشبه باقي المجتمعات العربية المحيطة به. بدأت فلسطين تتطور كدولة قبل وصول الحركة الصهيونية إليها؛ فعلى أيدي بعض الحكام المحليين المتحمسين مثل ظاهر العمر (1690 ـ 1775)، تم تحديث وتنشيط مدن مثل حيفا، وشفا عمرو، وطبريا، وعكا. ومن خلال علاقات التجارة مع أوروبا، وازدهرت شبكة الموانئ والبلدات الساحلية، في حين كانت مدن وبلدات الداخل تتاجر مع المناطق القريبة منها. وعلى النقيض تماما من الصحراء، كانت فلسطين جزءا مزدهرا من بلاد الشام” (ص (18- 19).

2 ـ اليهود كانوا شعبا بلا أرض:

تقترن هذه الخرافة بأن “فلسطين أرض بلا شعب” بالخرافة الشهيرة الخاصة بـ”شعب بلا أرض”. وهنا يطرح بابيه سؤالا يُبنى عليه الكثير: هل كان المستوطنون اليهود شعبا حقا؟ يشير بابيه، إلى كتاب “اختراع الشعب اليهودي”، للبروفيسور “الإسرائيلي” شلومو ساند (ص 25)، الذي يدحض خرافة الشعب اليهودي أو النقاء العرقي! ويذكر بابيه، كتاب “القبيلة الثالثة عشر”، لآرثر كوستلر (1905 – 1983)، الذي طرح فيه نظرية مفادها أن المستوطنين اليهود ينحدورن من قبائل الخزر. (ص 37). ويستند بابيه في دحض هذه الخرافة على بعض الباحثين؛ من هؤلاء كيث وايتلام، وتوماس طومسون، إسرائيل فنكلشتاين، وشلومو ساند (ص37 )

3 ـ الصهيونية هي اليهودية:

يجري بابيه، تقييما تاريخيا للمواقف اليهودية إزاء الصهيونية، “فقد نبذ رجال الدين الصهيونية باعتبارها شكلا من أشكال العلمنة والتحديث” (ص 40)، وعندما بدأت الصهيونية بالظهور في أوروبا، منع عدد كبير من الحاخامات التقليديين في الواقع أتباعهم من التعامل مع النشطاء الصهاينة؛ فقد اعتبروا أن الصهيونية تشكل تدخلا بمشيئة الله في بقاء اليهود في المنفي حتى مجيء المسيح. (ص 45 ـ 46). ويشير بابيه إلى استخدام الحركة الصهيونية للكتاب المقدس في شرعنة احتلال فلسطين، أي “الوعد التوراتي كمسوغ رئيسي لاستعمار فلسطين” (ص 52). ويقول: “تعد الدراسات التوراتية اليوم عنصرا مهما وموسعا في المناهج التعلمية ـ مع تركيز خاص على الكتاب المقدس بوصفه يوثق تاريخا قديما يبرر المطالبة بالأرض. ويتم دمج القصص التوراتية والدروس الوطنية المستقاة منها مع دراسة المحرقة(ص54)

4ـ الصهيونية ليست حركة استعمارية:

يناقش بابيه الادعاء بأن “الصهيونية حركة تَحرر وطنية وليست استعمارية”، فيقول: “لقد كانت الصهيونية حركة استعمارية استيطانية، على غرار حركات الأوروبيين الذين استعمروا الأمريكتين، وجنوب أفريقيا، وأستراليا، ونيوزيلندا” (ص 61). فالطريقة الوحيدة أمام المستوطنين لتوسيع سيطرتهم على الأرض، ولضمان تحقيق أغلبية ديمغرافية حصرية، تتمثل في اجتثاث الشعب الأصلي من وطنه. وهكذا، فإن الصهيونية مشروع استعماري استيطاني، وهو مشروع لم يكتمل بعد. ففلسطين لا تزال غير يهودية بالكامل ديمغرافيا”. (ص 70)

5 ـ الفلسطينيون غادروا وطنهم طوعا عام 1948:

يدحض بابيه، هذه الخرافة بالقول، “إن قيادات الحركة الصهيونية ومنظريها لم يستطيعوا تخيُّل تطبيق مشروعهم بنجاح دون التخلص من الشعب الأصلي، سواء بالتراضي أو عنوة” (ص 71). والنتيجة هي تطهير عرقي شامل (ص 74). ولا مناص من تعريف الأفعال الإسرائيلية في القرى الفلسطينية باعتبارها جريمة حرب، بل هي في الواقع جرائم ضد الإنسانية” (ص 78). كما يناقش هنا خرافات أخرى تتعلق بأحداث 1948، ويفندها بالأدلة.

6 ـ حرب حزيران (يونيو) 1967 كانت حربا لا بد منها:

يطرح الفصل التاريخي الأخير، تساؤلا حول ما إذا كانت حرب 1967 قد فرضت على “إسرائيل”، كما تروج الرواية “الإسرائيلية” أن دولة إسرائيل “لم تكن تملك خيارا”، أو أن الحرب التي “لم يكن بدُّ” من خوضها، بيد أن هذه خرافة، (ص 93).ويرى بابيه، أن “الاستيلاء على الضفة الغربية تحديدا، بمواقعها التوراتية القديمة، كان هدفا صهيونيا حتى قبل العام 1948، وهو ما كان منسجما مع منطق المشروع الصهيوني بشكل عام” (ص 105 ـ 106)ويضيف، “إن احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة يمثل استكمالا للمهمة التي بدأت في عام 1948، يومئذ، استولت الحركة الصهيونية على 80% من فلسطين ـ وفي العام 1967 استكملوا عملية الاستيلاء على فلسطين” (ص 109).

7 ـ إسرائيل هي الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط:

من وجهة نظر عدد كبير من “الإسرائيليين” وأنصارهم حول العالم تعد اسرائيل دولة ديمقراطية معتدلة، تسعى إلى عقد سلام مع جيرانها، كما توفر المساواة لجميع مواطنيها. (ص 113)ويرد بابيه، “بأن إسرائيل لم تكن دولة ديمقراطية قبل العام 1967. فقد انتهجت الدولة سياسة (أَطْلِق النار لتقتل) ضد اللاجئين الذين كانوا يحاولون استعادة أراضيهم ومحاصيلهم ومواشيهم” (ص 117(

8 ـ خرافات أوسلو:

يتطرق بابيه، في هذا الفصل، إلى عملية أوسلو للسلام، ويشير إلى أن: “هناك خرافتين تتعلقان بعملية أوسلو؛ الأولى بأنها عملية سلام حقيقية، والثانية بأن ياسر عرفات تعمَّد تقويضها بإشعال الانتفاضة الثانية كعملية إرهابية ضد إسرائيل”، (ص 130(بالنسبة للخرافة الأولى، يقول بابيه، “إن الحقيقة أكثر تعقيدا من ذلك، إذ كان من المستحيل تنفيذ بنود الاتفاق. فالادعاء بأن عرفات لم يحترم التعهدات الفلسطينية المحددة في اتفاقية 1993 لا يستند إلى أساس صحيح؛ إذ لم يكن بمقدوره تنفيذ تعهدات من المستحيل الالتزام بها (ص 131). لذا، في واقع الأمر، فإنه لا يوجد أي سبب في العالم يبرر قيام سكان أصليين بالتبرع بتقاسم وطنهم مع سكان مستوطنين ما لم يتعرضوا لضغوط شديدة. ومن ثم يتعين علينا أن نعترف بأن عملية أوسلو لم تكن مسعى سلميا منصفا ومتكافئا، وإنما تسوية وافق عليها شعب خاضع للاحتلال. وكنتيجة لذلك، أرغم الفلسطينيون على التوصل إلى حلول تعارض مصالحهم وتهدد وجودهم ذاته” (ص 133- 134( ثم يفند الخرافة الثانيه.

9 ـ خرافات غزة:

يقول بابيه: “الخرافة التي لا تزال تحظى بقبول واسع النطاق؛ هي أن مأساة الناس هناك سببها الطبيعة الإرهابية لحركة حماس. من جهتي ــ إيلان بابيه ــ سوف أدّعي بأنها حركة تحرير، ومشروعة في هذا الخصوص (ص 147). أما الخرافة الثانية، التي نحن بصددها هنا، هي أن الانسحاب من غزة كان بادرة سِلْم أو صلح، قوبلت بالعداء والعنف. أزعم بأن القرار كان جزءا من استراتيجية الغرض منها تقوية قبضة إسرائيل على الضفة الغربية، وتحويل قطاع غزة إلى سجن كبير يمكن حراسته ومراقبته من الخارج (ص 148). أما الخرافة الثالثة والأخيرة هنا، فهي ادعاء إسرائيل بأن الأفعال التي قامت بها منذ العام 2006 كانت جزءا من حرب دفاعية ضد الإرهاب.. هذه الحرب إبادة جماعية تصاعدية لسكان غزة” (ص 148(

10- حل الدولتين :

الخرافة القائلة بأن حل الدولتين هو السبيل الوحيد للمضي قدما في تحقيق السلام. يشير بابيه إلى “أن حل الدولتين، اختراع إسرائيلي لم يكن الغرض منه تحقيق المستحيل، بل الإجابة عن السؤال المتعلق بكيفية إبقاء الضفة الغربية تحت السيطرة الإسرائيلية دون دمج السكان الذين يعيشون هناك” (ص 182)ويضيف، “إن حل الدولتين أشبة بجثّة يتم إخراجها من المشرحة من حين لآخر، فيتم هندمتها بصورة أنيقة، ومن ثم عرضها كشيء حي. وعندما يثبت مرة أخرى أنه لا توجد فيها ذرة حياة، يتم إرجاعها إلى المشرحة” (ص 183).

واخيرا لابد ان نثمن كل صوت يفضح مزاعم الكيان الصهيوني خاصة من المؤرخين اليهود المقيمين خارج هذا الكيان الغاصب .والله غالب على امره

الهوامش :

[1] https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%A4%D8%B1%D8%AE%D9%88%D9%86_%D8%A C%D8%AF%D8%AF

[2] د.مهند مصطفى http://palestine.assafir.com/Article.aspx?ArticleID=2680

[3] مصدرسابق –ويكيبيديا - https://ar.wikipedia.org/…/%D8%A5%D9%8A%D9%84%D8%A7%D9%86_%…

[4] وممن كتب عن الموضوع :مرتضى الشاذلي https://www.noonpost.com/content/21176 و فايز رشيد .https://www.alquds.co.uk/% د.سمير: مطاوع في جريدة الراي وصالح الشحري https://arabicpost.net/opinions و http://booksplatform.net/ar/product وعربي21.واخرون

 

 

التعليقات على خبر: المؤرخين اليهود الجدد -ايلان بابيه نموذجا-

حمل التطبيق الأن